نتحدث عن سبب تفشي مرض الكوليرا في هذا المقال، كما نذكر لكم مجموعة متنوعة من الفقرات المميزة الأخرى مثل طرق الوقاية من الكوليرا والخاتمة.
سبب تفشي الكوليرا
السبب الرئيسي للإصابة بالكوليرا هو تناول الأطعمة والمشروبات الملوثة ببكتيريا Vibrio cholerae، ولا يقتصر الأمر على إصابة الفرد نفسه، بل إن هذا الشخص قادر على نقل العدوى للآخرين عن طريق برازه الذي يحمل هذه البكتيريا ، وبوصول البراز إلى مصادر الطعام أو الشراب بسبب قلة النظافة الشخصية وسوء الحالة الصحية. وفي شبكات الصرف الصحي في بعض المناطق تنتقل العدوى. في الواقع، تنتج بكتيريا Vibrio cholerae سمًا يعرف علميًا باسم CTX، داخل الأمعاء الدقيقة. ثم يرتبط هذا السم بجدران الأمعاء، مما يسبب اضطرابًا في حركة أيونات الصوديوم والكلور، مما يؤدي إلى إفراز الجسم لكميات كبيرة من السوائل والإسهال الشديد. ومن الجدير بالذكر أن الكوليرا لا تنتقل عن طريق الاتصال المباشر بين شخص مصاب وشخص سليم. وفيما يلي بيان بالطرق الشائعة لانتقال وانتشار المرض:
1- الخضار والفواكه الملوثة:
يؤدي استخدام الأسمدة الملوثة، أو الري بمياه ملوثة بمياه الصرف الصحي، إلى انتقال البكتيريا إلى الخضار والفواكه.
2-البقوليات:
تعتبر البقوليات المطبوخة التي تترك لساعات طويلة في درجة حرارة الغرفة وسطا جيدا لنمو البكتيريا المسببة للكوليرا في المناطق التي ينتشر فيها المرض.
3- المياه السطحية ومياه الآبار:
يمكن لبكتيريا ضمة الكوليرا البقاء على قيد الحياة في مرحلتها الكامنة في الماء لفترات طويلة، وغالباً ما تكون الآبار الملوثة بالبكتيريا السبب الرئيسي لتفشي الكوليرا في المناطق ذات معدلات النظافة المنخفضة.
4-المأكولات البحرية:
إن تناول المأكولات البحرية النيئة أو غير المطبوخة جيداً، وخاصة تلك التي يتم صيدها من المناطق التي تنتشر فيها بكتيريا الكوليرا، يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بالمرض.
طرق الوقاية من الكوليرا
هناك مجموعة من الإجراءات التي يمكن الالتزام بها عند السفر وقبل تناول الأطعمة لتقليل خطر الإصابة بالكوليرا. وتشمل هذه الإجراءات ما يلي:
1- تجنب تناول جميع الأسماك والمأكولات البحرية النيئة غير المطبوخة جيداً.
الالتزام بتناول الفواكه والخضروات التي يقشرها الشخص بنفسه، مثل: الموز، والبرتقال، والأفوكادو. كما يجب عليك تجنب تناول السلطات والفواكه التي لا يمكن تقشيرها، مثل: العنب والتوت.
2- شرب الماء النظيف فقط، بما في ذلك المياه المعبأة في زجاجات، أو الماء الذي تم غليه أو تعقيمه من قبل الشخص نفسه. ويجب أيضًا استخدام المياه المعبأة حتى عند تنظيف الأسنان. تعتبر المشروبات الساخنة آمنة بشكل عام، مثل: المشروبات المعلبة أو المعبأة في زجاجات، ولكن يجب مسح الجزء الخارجي منها قبل فتحها.
3- لقاح الكوليرا للبالغين الذين يسافرون إلى المناطق التي تنتشر فيها الكوليرا. واللقاح متوفر حاليا في الولايات المتحدة، حيث وافقت إدارة الغذاء والدواء على أحد أنواع لقاحات الكوليرا للوقاية من الكوليرا. اللقاح عبارة عن جرعة سائلة تؤخذ عن طريق الفم قبل السفر لمدة لا تقل عن 10 أيام.
4- غسل اليدين بالماء والصابون بانتظام، خاصة بعد استخدام المرحاض وقبل تقديم الطعام. ويجب فرك اليدين المبللتين بالماء والصابون لمدة لا تقل عن 15 ثانية قبل شطفهما. إذا لم يتوفر الماء والصابون، فيمكن استخدام معقم لليدين يحتوي على الكحول.
5- تناول الأطعمة الساخنة التي تم طهيها جيداً، وتجنب الأطعمة التي تباع في الشارع. إذا قمت بشراء وجبة من بائع متجول، فيجب عليك التأكد من طهي الطعام جيدًا وتقديمه ساخنًا.
6- تجنب منتجات الألبان، مثل: الحليب غير المبستر، وآيس كريم الحليب، والتي غالباً ما تكون ملوثة.
الكوليرا في مصر
حدث الوباء الأول في عهد كلوت بك مؤسس مدرسة الطب. وحاول هو وطلابه القضاء عليها دون جدوى، إذ كانت تقتل 3000 مواطن يومياً حتى هدأت فجأة. وفي العام التالي 1832م، تم إنشاء مكاتب الصحة لأول مرة في مصر، خاصة في دمياط ورشيد والعريش، وتم تشكيل المجلس الصحي الذي كان النواة الأولى لمسح كورونا والصحة البحرية. ورغم ذلك فقد تسبب وباء عام 1834 في وفاة الآلاف، بينما امتد الوباء السادس ليشمل مكة. وفي السعودية انتهت حياة 30 ألف حاج.
تقول الباحثة ليلى السيد عبد العزيز، في كتابها الأمراض والأوبئة وتأثيرها على المجتمع المصري، إن أجداد المصريين عانوا كثيرا من انتشار الأمراض والأوبئة، فكان الوباء يضرب المدينة أو القرية فيقتل ربعهم أو ربعهم. نصف السكان، ناهيك عن الانتشار السريع للمرض بسبب نقص اللقاحات والعلاج.
وتحكي المحاضرة النادرة قصة وصول الوباء السادس إلى مصر، عندما تم نقل الحجاج على متن سفينة سيدني المتجهة إلى السويس، حيث قام ربان السفينة بإخفاء المرضى. وكان عددهم 15000 من جميع أنحاء العالم. وهناك، بالإسكندرية، قبل ترحيل الحجاج المصابين بالكوليرا، انتشر المرض ومات نحو 4000 شخص. أي 22 بالمئة من سكانها. 96 شخصًا يموتون يوميًا في دمياط، و6 آلاف مواطن في القاهرة. أي ما يعادل 22% من السكان، ثم انتشر في جميع المحافظات، وقدر عدد الوفيات عام 1865م بـ 60 ألف شخص في أقل من 3 أشهر من أشهر الصيف.
أما الوباء السابع الذي انتشر عام 1883م، فقد بدأ بولادة الشيخ أبو المعاطي بدمياط وأدى إلى وفاة 15 ألف شخص أغلبهم من سكان بورسعيد والمنزلة والمطرية والدقهلية. وقدر عدد من ماتوا في الوجه البحري بحوالي 36 ألف مواطن. وتوضح المحاضرة النادرة أنه في عام 1883م اكتشف الطبيب الألماني كوخًا لميكروب الكوليرا. سافر كوخ إلى مصر، وأقام في المستشفى اليوناني بالإسكندرية، وبدأ في إجراء الأبحاث. ثم توجه بعد ذلك إلى الهند لإخراج علم الأحياء الدقيقة إلى الوجود، حيث أمكن التعرف على طرق الإصابة بوباء الكوليرا ووسائل انتشاره، كما أمكن وضع قواعد مكافحته والوقاية منه.
وجاء في تقرير الدكتور حمدي بك مفتش صحة القاهرة، أن وباء الكوليرا أدى إلى إنفاق الحكومة مليون و400 جنيه لحرق المادة المكونة للكبريت وإلقائها في الشوارع، حيث كانت هذه هي الأساليب المستخدمة في مكافحة الكوليرا في ذلك الوقت قبل ظهور الأمصال واللقاحات والأدوية الفعالة. أما الوباء الثامن 1895-1896م، حيث كانت أعداد الإصابات قليلة، وأوضحت المحاضرة أنه لولا عادة السكان دفن الموتى في منازلهم وتغطيتهم، لكان من الممكن القضاء على الوباء .
أما الوباء التاسع فكان عام 1902م، حيث ضرب قرية موشا بأسيوط. وكان ذلك بسبب تستر العمدة على المرض عن طريق القادمين من مكة، حيث انتقل بعد ذلك إلى القاهرة عن طريق امرأة كانت قادمة من موشا. وأدى الوباء إلى وفاة 34595 مواطنا، وعدد القرى والنجوع التي وصل إليها الوباء عام 2026، وسجل أمير الشعراء أحمد شوقي وباء موشا في إحدى قصائده “للموت في ظل موشا رائع». مثل الموت في ظل القنا الخطير. وانتهى وباء موشا عام 1902م، ليختفي ثم يعود للظهور مرة أخرى عام 1947م.
واختتمت المحاضرة النادرة بالأسباب التي تؤدي إلى انتشار الكوليرا مثل تلوث مياه الشرب، مؤكدة أن الكوليرا لا علاقة لها بأشهر الصيف أو الشتاء إلا بكمية البخار الموجودة في الجو كما يسمونها باللون الأصفر. الهواء، لافتاً إلى أن التطعيم ضد الكوليرا ليس ضماناً كافياً ضد الإصابة به، لكنه يقلل من فرصة الإصابة ويقلل من احتمال الوفاة في حال حدوث العدوى.
أعراض الإصابة بالكوليرا
معظم الأشخاص المصابين ببكتيريا الكوليرا (Vibrio cholera) لا يمرضون ولا يعرفون أنهم أصيبوا بالعدوى في المقام الأول. لكن نظرا لتواجد بكتيريا الكوليرا في برازهم لمدة تتراوح بين سبعة و14 يوما، فإنهم يستطيعون نقل العدوى للآخرين عن طريق المياه الملوثة. وتتمثل أعراض معظم حالات الكوليرا في الإسهال البسيط أو المتوسط الذي يصعب تفريقه عن الإسهال الناتج عن أي مشكلة صحية أخرى، بينما يصاب البعض بالعدوى. أما الآخر فيعاني من علامات وأعراض حادة للكوليرا، والتي غالبا ما تظهر خلال عدة أيام من الإصابة وتشمل الأعراض ما يلي:
1- الجفاف: يحدث الجفاف بعد ساعات من ظهور أعراض الكوليرا، وتتراوح شدته من الخفيف إلى الشديد. فقدان 10% أو أكثر من وزن الجسم يعني الجفاف الشديد.
2- مؤشرات وأعراض الجفاف بسبب الكوليرا تشمل سهولة التهيج، والتعب، والعيون الغائرة، وجفاف الفم، والعطش الشديد، وجفاف وذبول الجلد الذي عند قرصه يعود ببطء إلى وضعه الأصلي، وقلة التبول أو عدمه، وانخفاض ضغط الدم. ، وعدم انتظام ضربات القلب.
3- الإسهال: يحدث الإسهال الناتج عن الكوليرا بشكل مفاجئ وقد يسبب فقدانًا كبيرًا لسوائل الجسم قد يصل إلى ربع جالون (حوالي 1 لتر) في الساعة. عادة ما يبدو الإسهال الناجم عن الكوليرا شاحبًا ولبنيًا ويشبه ماء الأرز.
4- الغثيان والقيء. يحدث القيء في المراحل المبكرة من الكوليرا ويمكن أن يستمر لساعات.